الأحد، 3 فبراير 2013

التعليم في غينيا/للدكتور جرنو إبراهيم باه

التعليم في دولة غينيا كوناكري:
        يتناول الباحث هنا نوعين من أنواع التعليم، وهما: التعليم الغربي، والتعليم الإسلامي. وفيما يلي تفصيل ذلك:
أولاً: التعليم الغربي:
        قد تعاقبت في غينيا كوناكري ثلاثة أنواع من الأنظمة السياسية التي كانت لها الأثر البالغ في التعليم عموماً، والتعليم الإسلامي خصوصاً. وهي على النحو التالي: النظام الاشتراكي، الذي عقب الاستعمار واستمر ستة وعشرين عاماً، ويليه النظام العسكري، الذي بدأ في ربع الأول من سنة 1984م حتى سنة 1994م. ويليه النظام الديمقراطي السائد حتى الآن. فقد شهدت هذه الفترة انتعاشاً اقتصادياً ليبرالياً.
        وكان للنظام الاشتراكي تأثير واضح على التعليم العام في البلاد؛ لأن الحكم كان مركزياً للغاية، وكل قطاعات الدولة كانت تدار من الحكومة المركزية مباشرة. وكان التركيز في مجال التعليم على الكمّ لا الكيف والجودة، بينما ركز النظام الثاني والذي بعده على النوع والكيف بدلاً من الكم فقط.        وقد تطور التعليم في جمهورية غينيا كوناكري تطوراً ملحوظاً منذ بداية الستينات؛ حيث أنشئت أول مؤسسة للتعليم العالي مع معهد تقني في كوناكري عام 1962م، وأسست في كانكان في مكان مدرسة العليا للمعلمين مؤسسة ثانية عام 1969م، ومن ثم بدأت المؤسسات التعليمية العليا تكثر على مر الزمن حتى وصل عدد الملتحقين بالتعليم العام أكثر من (20000) عشرين ألف طالب في عام 1978م.
        وفي ظل الجمهورية الأولى، بذلت جهود تربوية كبيرة جداً، وأعطي الشباب الأولوية. فبلغ معدل التحاق الأطفال دون سن الثالثة عشر للتعليم الأساسي في عام 1984م إلى (32%)، وبلغت (5%)  نسبة الذين سنهم ما بين 20 إلى 24 سنة في التعليم العالي. وتم التركيز على أمرين هامين، هما: ربط التعليم بالحياة والإنتاج، ومحو الأمية للكبار من خلال استخدام اللغات المحلية ([1]) . وشهدت هذه الفترة العديد من الإصلاحات التي كانت ترمي إلى جعل مبدأ التعليم للجميع. ومن أهم وأبرز هذه الإصلاحات ما يلي:
1.  اعتماد مبدأ التعليم الشامل منذ أوائل الستينات.2.  إنشاء عدة كليات وأقسام علمية.3. السماح للبنات الحاصلات على البكالوريا، الدخول في اختبار تنافسي للانتقال من السنة الثانية عشرة الدراسية مباشرة إلى التعليم العالي، دون المرور بالسنة الثالثة عشرة الدراسية. وكان هذا خاص بالبنات دون الذكور.        وبالرغم من كل الإصلاحات، التي اتخذت من عام 1959م حتى عام 1984م، الأمر الذي أدى إلى رفع نسبة الالتحاق إلى التعليم الابتدائي، إلا أن عدم توفر البنية التحية، ونقص المعدات التعليمية والمستلزمات المدرسية، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع المعيشية للمدرسين، ومستواهم العلمي والتخصصي أثارت تساؤلات كثيرة حول نوعية النتائج وواقعيتها.
        وكان الهدف من كل الإجراءات التي اتخذت في ظل الجمهورية الأولى هي تعزيز الديمقراطية في التعليم.
        ومع قيام الجمهورية الثانية في عام 1984م، استشعر المسؤولون بتدهور القطاع التعليمي آنذاك فدعوا إلى عقد مؤتمر وطني للتعليم، والذي انتهى إلى وضع برنامج شامل لتحسين نوعية التعليم، والزيادة في الكفاءة والجودة؛ مما أدى إلى التقليص والحد من عدد المؤسسات التعليمية العالية. ومن أبرز الإصلاحات في هذه الفترة ما يلي:
1.  تميزت الفترة ما بين 1984م إلى 1990م بالتغيير والإصلاح والتجديد.2.  شهدت الفترة ما بين 1991م إلى 1994م ممارسة الحكم الذاتي في المؤسسات التعليمية العالية.3. والفترة الأخيرة هي ما بين 1995 إلى 2000م، والتي شهدت استقلالية المؤسسات التعليمية تدريجياً ([2]) . وهذا الأخير هو المستمر إلى وقتنا الحاضر.
ثانياً: التعليم الإسلامي في غينيا كوناكري:
        تعود بداية التعليم الإسلامي في غينيا كوناكري إلى وقت مبكر جداً، أي إلى بداية دخول الإسلام فيها، والذي كان في القرن الأول الهجري على الصحيح؛ لما تم تقريره سابقاً رغم مخالفة بعض الكتّاب، وذلك لكون غينيا جزءاً من مملكة غانا التي بدأ الإسلام يدخلها من أواخر النصف الأول وأوائل النصف الثاني من القرن الأول الهجري من بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فقد استطاعت اللغة العربية أن تنتشر في ربوع غينيا، وفي أوساط الغينيين بشكل سريع جداً، حتى أن كثيراً من لغاتها الأصلية كانت تكتب بالحرف العربي، وانتشرت السلوكيات والقيم الإسلامية الجميلة في معاملات الناس، مثل الصدق في القول والعمل والتعاون على البر والتقوى. فهذه القيم والسلوكيات الحميدة أدت إلى إسلام الكثير بسبب تأثرهم بمبادئ الدين الإسلامي الحنيف. فكان لا بد من تعليم المسلم الجديد أمور دينه ([3]) .
        فقد جعل الرواد الأوائل من المعلمين والدعاة تعليم القرآن الكريم في المساجد نقطة الانطلاق والمدخل الأول لتعليم المسلمين الدين الإسلامي وثقافته الغرّاء، فالقرآن هو الذي يربط بين المسجد والمجتمع لما فيه من عقائد الإسلام، وتعاليمه الفذة، ومبادئه، وثقافته ([4]) . واشتهر بعض المناطق بالتعليم الإسلامي في المرحلة الأولى، كمنطقة فوتاجالون بغينيا الوسطى التي كان أهلها أخذوا من العرب والمغاربة، ومن الشناقيط والطوارق، وكما كانوا يرتحلون لطلب العلم إلى مدينة تمبكتو، والأزهر الشريف، وإلى الحجاز عن طريق تأدية فريضة الحج، حيث كانوا يأخذون من علماء الحرمين. ومن المناطق التي اشتهرت أيضاً هي مدينة كانكان بغينيا العليا وبعض المدن في غينيا الساحلية ([5]) .        فعن المدارس القرآنية التقليدية من الكتاتيب والخلاوي التي كانت تعقد عادة في المساجد، أو ملحقاتها، أو بيوت المعلمين، أو تحت ظل الشجر، والمجالس العلمية انبثقت المدارس التعليمية العربية الإسلامية في غرب إفريقيا عموماً وغينيا كوناكري خصوصاً، وإليها يرجع الفضل في تكوين النواة الأولى للمدارس الإسلامية المنظمة.
        وفي عام 1948م تم افتتاح أول مدرسة عربية أهلية في مدينة كنديا من منطقة غينيا الساحلية على يد الشيخ محمد فادقا، ومن ثَمّ تسابق الناس في إنشاء المدارس العربية الإسلامية الأهلية.
        وبالرغم من كل المحاولات المباشرة التي قامت بها السلطات المحلية في منع انتشار هذه المؤسسات التعليمية، إلا أنها باءت بالفشل. ومن ثَمّ عملت على إدماجها في التعليم العمومي في عام 1977م كطريقة غير مباشرة لوضع الحد منها؛ حيث تبنّت رواتب المدرسين، ووزعت تلاميذ التعليم الإسلامي على المدارس الفرنسية لتدريسهم اللغة الفرنسية والعربية على حدٍّ سواء، إلا أن هذا الموقف لم يكن في صالح التعليم الإسلامي مما دفع الجمهور إلى رفضه، وطلب إنشاء مدارس أهلية حكومية خاصة بتعليم اللغة العربية والثقافة الإسلامية، فأصدرت الحكومة سنة 1978م قراراً ينص بتبني الحكومة المدارس الأهلية. وأنشأت أول معهد إعدادي حكومي للتعليم العربي الإسلامي في حيّ بيسيا (Gbessia) بكوناكري.
        ومع قلة إمكانيات المدارس الأهلية العربية الإسلامية، والتحديات التي واجهتها من قبل السلطات إلا أن قيمتها الشعبية بقيت ثابتة مما ساعدها على الاستمرار والتطور للوصول إلى أهدافها المنشودة، والتي هي تمكين الشعب الغيني من معرفة الدين الإسلامي واكتشاف الثقافة العربية الإسلامية.        وفي عام 1988م أعدت وزارة التربية والتعليم مناهج دراسية موحدة للتعليم العربي الإسلامي في مختلف مستوياته ومراحله. واستحدث قسماً خاصاً باللغة العربية في المعهد التربوي الوطني؛ بهدف متابعة وتطوير هذه المناهج وإعادة تأهيل مدرسي التعليم العربي الإسلامي ([6]) .
        وفي عام 2001م، وتحت الإشراف المشترك بين المفتشية العامة للتعليم العربي الإسلامي بوزارة التعليم ما قبل الجامعي والتربية الوطنية، وقسم اللغة العربية والعلوم الإسلامية بالمعهد الوطني للبحوث والأنشطة التربوية تم اعتماد مناهج دراسية موحدة لجميع مراحل التعليم الأساسي في غينيا كوناكري، والتي طبعت على نفقة فاعل خير تحت إشراف سفارة خادم الحرمين الشريفين بكوناكري. فهذه هي المطبقة الآن والمعتمدة لدى الوزارة ([7]) .
        ونظراً لاهتمام الحكومة بالمدارس الأهلية الإسلامية زاد الاهتمام الشعبي ببناء مزيد من المدارس طمعاً في إدماجها في التعليم الحكومي، ومساهمة في تقليل نسبة الأمية البالغة (74%). وشملت هذه المدارس نموذجين هامين، هما:
(1)           مدارس تدرس المواد الدينية والاجتماعية باللغة العربية، والمواد العلمية باللغة الفرنسية.
(2)      مدارس أهلية محافظة تدرس جميع المواد باللغة العربية.        وفي عام 1993م أنشأت وزارة التعليم ما قبل الجامعي معهداً ثانوياً في العاصمة لتعليم العربية، وبه جميع التخصصات العلمية والأدبية؛ حيث تدرس المواد الاجتماعية كالتاريخ والاقتصاد، والفلسفة باللغة العربية بالإضافة إلى مواد اللغة العربية والتربية الإسلامية، وتدرس المواد العلمية باللغة الفرنسية كالرياضيات، والكيمياء والفيزياء، وعلوم الطبيعة واللغة الفرنسية. وأصدرت الوزارة قراراً بمنع تسليم أية شهادة دراسية أو دبلوم إلا بتوقيع وزير التعليم ما قبل الجامعي والتدريب المهني ([8]) .        وهذه الحركة العلمية في غينيا تطورت وازدهرت ازدهاراً بالغاً، فانتشرت المؤسسات التعليمية الإسلامية في كافة ربوع البلاد بحيث لا تخلو قرية أو مدينة إلا وفيها مدرسة أو أكثر. فقد بلغ الآن عدد الطلاب في المؤسسات التعليمية الإسلامية (32200) طالباً وطالبة، وعدد المدارس (82) مدرسة، وعدد المدرسين (1191) معلماً، وعدد الإداريين والمشرفين على التعليم الإسلامي (268) إدارياً ومشرفاً ([9]) .
        ويمكن تقسيم التعليم الإسلامي في جمهورية غينيا كوناكري إلى ثلاثة أقسام رئيسة وهي:
أولاً: المؤسسات القرآنية:
        فهي نظام تعليمي تقليدي شعبي صَاحَبَ انتشار الإسلام في العالم الإسلامي عموماً ومنطقة غرب إفريقيا خصوصاً بهدف تعليم من يعتنق الإسلام أمور دينه من صلاة وقراءة للقرآن الكريم، وتعليم الناشئة القراءة والكتابة بمرحلة الطفولة على التخصيص لما للتكوين والتربية في السن المبكرة من تأثير على ما يتبعها من مراحل أخرى في الحياة. وهي نظام تعليمي ذاتي لا علاقة له بالتعليم النظامي العام الذي يوصل إلى الجامعة أو المعاهد العليا التي تقدم مختلف فروع المعرفة البشرية المعاصرة ([10]) .
وهي على نموذجين:
أ‌-      الكتاتيب أو الخلاوي (المحاضر) التي تُعنى بتحفيظ المتعلم القرآن، وتعليمه القراءة والكتابة، ودراسة شيء من العلوم الدينية التي لا يعذر المسلم جهلها. وبعضها قد يتعمق في فنون العلم والمعرفة.
ب‌-    المجالس العلمية: وهي نوع آخر من أنواع الكتاتيب التي تُعنى بتعليم الصغار والكبار الفقه واللغة والعقيدة وغير ذلك من العلوم الإسلامية على حد سواء.ثانياً: المؤسسات التعليمية الأهلية الإسلامية المدمجة (*) :
        وتعرف هذه المدارس بالمدارس العربية الفرنسية (Franco – Arabe)، أنشئت بعضها بجهود فردية ثم تبنتها الحكومة، والأخرى أنشأتها الحكومة. وهي تدرس المواد الدينية والاجتماعية باللغة العربية، والمواد العلمية باللغة الفرنسية. فهذا النوع هو الأكثر انتشاراً في الوقت الحاضر في غينيا. ومن مميزاتها أنها تمكن المتعلم مواصلة تعليمه في المؤسسات التعليمية الوطنية. ومن أمثلتها الآتي:
(1)           معهد ييسيا الحكومية.(2)           مدرسة جمعية بدر الدين الإسلامية، وهي من المدارس الرائدة في مدينة كوناكري.
(3)           مدارس جمعية النصر الإسلام المنتشرة في كل أنحاء مدن غينيا تقريباً.(4)           مدرسة الأخوة الإسلامية بمامو.(5)           المعهد الفرنسي العربي بكنديا.(6)           المدرسة الفرنسية العربية بلابيه.(7)           المدرسة الفرنسية العربية بفارانا.(8)           مدارس جمعية المعتصمين بحبل الله.ثالثاً: المؤسسات التعليمية الأهلية الإسلامية المحافظة (*) :
        وهي مدارس أهلية محافظة تدرس جميع المواد باللغة العربية. ومن أمثلتها ما يلي:
(1)           اتحاد المدارس العربية الإسلامية بانزيريكوري.
(2)           معهد أبي بكر الصديق بانزيريكوري.        هذا، فقد أصبح تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية إلزامياً؛ بحيث لا يسمح لأي مؤسسة تعليمية أن تكتفي باللغة العربية لوحدها في التدريس ([11]) . وهو شيء طيب؛ لأنه يؤدي إلى فتح مجالات واسعة لخريجي التعليم الإسلامي للانخراط في التعليم الوطني العالي، وشغل وظائف حكومية في بلدهم.

أحمد سفيان بمبه: التعليم الإسلامي في غانا من 1371هـ إلى 1422هـ: دراسة وصفية تحليلية: رسالة ماجستير غير منشورة: 1425هـ: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة: كلية الدعوة وأصول الدين: بالمدينة المنورة: المملكة العربية السعودية.

([1]) - وكان كل منطقة من مناطق غينيا كوناكري الإدارية تستخدم اللغة أو اللغات المحلية السائدة في تلك المنطقة في عملية التعليم.([2]) - Balde, Djenabou: Enseignment A Distance: Strategie Alternative D'amelioration De L'Acces A L'Enseignment Superieur En Republique De Guinee: pp 11 – 13.([3]) - جاكيتي، آدم: دراسة تحليلية لمنهاج التربية الإسلامية واللغة العربية بغينيا (المرحلة الابتدائية): ص 3 - 4.([4]) - باري، عثمان: أسس التعليم في الكتاتيب ودورها في بناء الشخصية المسلمة في فوتاجالون جمهورية غينيا: رسالة ماجستير غير منشورة: جامعة إفريقيا العالمية: كلية التربية والدراسات الإسلامية: 1998م: ص 30.([5]) - جاكيتي، آدم: نفس المرجع السابق: ص 4.([6]) - المفتشية العامة لتعليم اللغة العربية والثقافة الإسلامية بوزارة التربية الوطنية الغينية: تقرير عن التعليم الإسلامي بغينيا للعام 1993م.([7]) - مقابلة مفتش تعليم اللغة العربية والثقافة الإسلامية بوزارة التربية الوطنية الغينية: الشيخ: آدم جاكيتي الذي زودني بنسخة من هذه المناهج.([8]) - جاكيتي، آدم: المرجع السابق: ص 6 – 11.([9]) - المفتشية العامة لتعليم اللغة العربية والثقافة الإسلامية بوزارة التربية الوطنية الغينية: تقرير عن التعليم الإسلامي بغينيا للعام.2009م – 2010م.([10]) - باري، عثمان: أسس التعليم في الكتاتيب ودورها في بناء الشخصية المسلمة في فوتاجالون جمهورية غينيا: مرجع سابق: ص 39.(*) - مدمجة تعني تعليم اللغتين: العربية مع الفرنسية، والمواد الدينية والعلمية. وهذا التصنيف من الباحث.(*) – المتحفظة تعني المؤسسات التعليمية الإسلامية التي اقتصرت على اللغة العربية في التدريس. وهذا أيضاً من تصنيف الباحث.
([11]) - مقابلة مفتش تعليم اللغة العربية والثقافة الإسلامية بوزارة التربية الوطنية الغينية: الشيخ: آدم جاكيتي



هناك 4 تعليقات:

  1. مقال رائع تجذب القاري إلى الوقوف إلى آخره رغم طوله، ويستحق الإشادة، شكرا للكاتب والناقل.

    ردحذف
  2. شكر لك يا أستاذي الفاضل

    ردحذف
  3. شكرا جزيلا
    كيف نحصل بعض هذه المؤلفا ؟

    ردحذف
  4. merit casino bonus code 2021【WG98.VIP】
    【 WG98.VIP】⭐️ Best online casino bonus codes 2021,casino bonus codes,how to 1xbet deposit money,best 메리트 카지노 쿠폰 online casino bonus codes,betastic casino bonus codes,keyword free money【VIP】- casino งานออนไลน์ bonus code

    ردحذف